الرئيسية / فلسفة التأسيس

فلسفة التأسيس

إن دعوتنا اليوم بكل بساطة، هي التفكير في فعلنا النقابي، ومؤسساتنا النقابية بجدية وموضوعية، إنها دعوة لتشكيل خلية تفكير تعيد تأصيل كل المبادئ التي توافقنا على النضال من أجلها، تعيد بناء كل القيم التي قتلتها الرعونات النقابوية.

إن دعوتنا اليوم، هي دعوة صادقة للوقوف وقفة تأمل من أجل توضيح الطريق الذي يلزم علينا، كنقابة مستقلة للأطباء أن نختاره، إنها وقفة تأمل تطمح إلى تحقيق حلم كل نقابي شريف، أي بناء النقابة الحقيقة.

المستقلة، الجماهيرية والديمقراطية والمواطنة

إن إنجاز هاته المهمة التاريخية الملحة و المتمثلة في خلق البديل الحقيقي و الذي يوازي بين المعادلة الصعبة المتمثلة في خلق نقابة لن تكون أبدا ارتزاقية خبزوية فقط ، و لا ذراعا واقيا لحزب سياسي كيفما كان، أي كيف يمكن لنا أن نمارس فعلا نقابيا حقيقيا معبرا عن مشاكل قطاعنا ؟ كيف يمكن أن نؤسس لنقابة حقيقية – و ليس صورة لحزب – تتحدد هويتها الحقيقية من خلال نضاليتها و مطالبها الواعية بصيرورة التطور الاجتماعي و السياسي للبلد ..كيف يمكن لنا خلق نقابة لا تهتز و لا تميل عن خططها و برامجها ، لاهتزاز أو صراع سياسوي حزبي ضيق و في نفس الوقت تبقى منصهرة و معبرة عن اهتزازات و تطورات المجتمع الوطني و القومي و الدولي ..

إن إنجاز هاته المهمة التاريخية تتطلب الشيء الكثير من الجرأة ، تتطلب التفكير بضربات من مطرقة ، تتطلب تهديم الأساطير و تماثيل الولاءات و البيروقراطية . تقتضي تصفية الحساب مع كل النزعات الشوفينية ..

إنها ديباجية / دعوة نطمح من خلالها إشراككم مهنا في هذا الهم الذي نحمله ، ندعوكم للمساهمة معنا بطروحاتكم و أفكاركم ، نحطم جميعا كل الطبوهات ، و ندخل كل التجارب في مخبر التحليل.

و ليكن البدء من خلال مساءلة المعيقات الأساسية التي تحول دون تطور الفعل النقابي المغربي و نعمل على جردها و تحليلها ، ثم فلنتساءل بدون حجاب عن النقابة التي نريدها ؟ عن معنى الدمقراطية في الحقل النقابي ؟عن معنى الاستقلالية .. و الجماهيرية ؟

إنها دعوة لممارسة حرقة السؤال ..

ما هي إذن مظاهر الأزمة في الحركة النقابية المغربية ؟

إننا نعتقد أن مفهوم ومضمون أزمة الحركة النقابية المغربية ، تتجلى في عجزها عن تشكيل قوة تنظيمية ضاغطة و فاعلة على الساحة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ..إنه خلل تنظيمي بالأساس..

و رغم أن مفهوم و مضمون أزمة الحركة النقابة المغربية ظلت متواجدة على ساحة الضال من خلال المعارك التي خاضتها دفاعا عن قضاياها المادية و المعنوية ، إلا أنها لم تستطع تجاوز مشاكلها التنظيمية ، و التي غالبا ما تنجم عن صراعات شخصية سياسوية ، مما أثر بشكل سلبي على وضعية الطبقة العاملة الاجتماعية و الاقتصادية ، و بالتالي جعلها هذا الواقع مجرد فئة سلبية متفرجة عاجزة عن الفعل و الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية و المشاركة فيها ( و رغم تواجدنا فإن وجهة نظرنا لم ترى النور في التغطية الصحية ، قانون حوادث الشغل و النظام المنظم لقطاع الأطباء

و بهذا الانحصار و التراجع الذي عرضنا لأسباب بإنجاز نكون قد وقفنا على معوقات الحركة النقابية و التي نلخصها في افتقادها إلى المرتكزات الأساسية الضرورية لكل حركة طلائعية في المجال النقابي و لعل غياب هاته المرتكزات الأساسية و المتمثلة في غياب الديمقراطية الداخلية و الاستقلالية النقابية تجسيدا لجوهر الأزمة النقابية

إذن ما هو الجديد الذي يمكن أن نقرحه لتجاوز هاته الوضعية الشاذة ؟

إن ما نطمح لبلورته و ترسيخه كمنطلقات مبدأيه و كقيم ممارسة جديدة في الحقل النقابي الوطني ينبني إجمالا على :

-1 ترسيخ استقلالية العمل النقابي من خلال القطه الكلي مع آلات إخضاع الفعل النقابي للتوفقات الضمنية مع حصر سقفها في الماديات بما يسبغ عليه طابعا قدحيا موصوم بالبعد الارتزاقي ( النقابة الخبزية ) و كذلك القطع مع كل محاولات استعمال الفعل النقابي كجبهة مفتوحة للتحرك أو السكون وفق محددات خارجية ، مرتبطة بمتطلبات تدبير الزمن السياسي و تناقضات فرقائه .

-2 القطع مع كل أشكال التحكم في الجسم النقابي عبر التنفد و شبكات الولاءات الشخصية المستندة لشبكات مصالحية مادية أو معنوية أو سياسية .

-3 ترسيخ البعد المهني للفعل النقابي و تحويل الجسم النقابي فاعل و ليس منفعل تتوقف حركته على التبعية للأحداث دائم الانفعال في وضعية دفاعية هشة ، يهتز لكل صراع حول المواقف أو المواقف السياسية ، بما يشكل استنزافا حقيقيا و إلهاء عن مباشرة مهماته الحقيقية في الرصد و الدراسة و البحث ، و توسيع قاعدة الاهتمام و الانخراط و التأهيل النقابي المهني في مختلف أبعاده .

-4 إننا نطمح إلى اقتلاع الجذور المؤسسة و المغذية لأشكال الممارسة الرامية لضرب الاستقلالية ، من خلال تأسيس عمل نقابي يستحضر المهنة في مختلف أبعادها ، المادية و المعنوية و يمتلك آليات لصون هاته الاستقلالية المقيدة بالاعتبارات المهنية مع الفك النسبي للارتباط بالزمن السياسي و فرقائه و الذي يمتلك أطره و مؤسساته الخاصة التي يجب أن تؤدي أدوارها الاجتماعية بوسائلها ، و أن تقتنع بحرمة العمل النقابي و خصوصياته المميزة …

-5 إننا نسعى إلى إشاعة و ترسيخ آليات تفعيل الديمقراطية كنهج و سبيل في اتخاذ القرار ، سواء أكان تنظيما أو مهنيا…

إنها مجرد أفكار أولية نطمح إلى بلورتها معكم من خلال رصد معيقات عملنا النقابي الوطني بصفة عامة ، و كذا المعيقات التي يعرفها النضال النقابي في قطاعنا الصحي .

وقبل كل ذلك ما القيمة المضافة التي يمكنه أن يغني بها الحقل النقابي المغربي؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه رقما ينضاف إلى ما هو قائم وبالتالي لا يتجاوز كونه مسامة في تفتيت الحقل النقابي لا أقل ولا أكثر؟

إن الإجابة عن هذه الأسئلة تستدعي تقديم جملة من الإضاءات تهم الخطوط العامة، ونقط الارتكاز التي ينهض عليها هذا المشروع الذي نحن بصدد الحديث عنه، وهي مفاصل تم استخلاصها في جملتها من قراءتنا النقدية لما ارتكز على هذا المستوى محليا وعالميا.

نعتقد أن أول ما يسند مشروعنا هو الإيمان باستقلالية الحقول الاجتماعية، وهذا مبدأ حداثي بامتياز ونعني بذلك الوعي بخصوصية الحقل الذي نتموقع داخله، سواء على مستوى مكونه البشري أو على مستوى الإطار المؤسساتي والذي ينبغي أن يتواءما أنه الانخراط في سياق الوعي المتنامي بخصويات الإطارات واستقلاليتها النسبية، والاستقلالية هنا، لا تعادل الاستقالة، فإن كانت هذه الأخيرة تعني الانعزال وفصل النضالي عن النضال العام، فإن الاستقلالية تعني ضمن ما تعنيه الاعتراف بحق كل فئة في تنظيم نفسها للدفاع على مصالحها، ونبذ المنطق التعميمي الذي كثيرا ما كان وراء جملة من الانتكاسات، بدعوى الربط العضوي بين فئة اجتماعية معينة وباقي فئات الطبقات الشغيلة ونعتقد أن هذه الدعوة كثيرا ما أسرت الفعل النقابي في شكلانية واضحة، فالانتظام داخل إطار خاص لا يعني آليا فصل النضال الفئوي عن النضال المجتمعي، كما أن الانتماء إلى إطار تنظم فيه فئات متعددة لا يعني أن هذا الإطار يجيب فعليا عن تضافر النضال العام بالنضال الخاص، إنما الأمر يتعلق بالمنظور الذي يحكم طبيعة العلاقات التي يمكن نسجها بين هذين المستويين.

فالاستقلالية، إنما تعني الإقرار بالخصوصية التي كثيرا ما تم إهدارها وبادعاءات كثيرة، ويقودنا الحديث

عن الاستقلالية والخصوصية وجدلية الفئوية والمجتمعي، والخاص والعام، إلى نقطة أخرى، تتمثل في العلاقات القائمة بين النقابي والسياسي والحزبي وتعد هذه النقطة من أهم النقاط حساسية، وقد أثارت نقاشات واسعة بين المهتمين بعلاقة السياسي بباقي مستويات المجتمع، دون الدخول في تفاصيل كثيرة نبادر إلى القول أن علاقة النقابي بالسياسي هي حقيقة موضوعية واضحة، وهي لا تساوي ولا تماثل علاقة النقابي بالحزبي أو بالنضال السياسي المباشر.

فمن ضمن الأخطاء القاتلة التي ارتكبت هي خلط مجموعة من الفاعلين النقابيين أو السياسيين بين النقابي والحزبي، حيث يتم ضبط الفعل النقابي على إيقاع الفعل السياسي وتكتيكاته أي الحزبي الحزبي الضيق في ممارساته؟

لذلك كان الفعل النقابي المغربي مجرد استطالة أو سند للحزبي أو تبريرا له.

ولا داعي للتذكير بما حصل والنتائج الوخيمة التي ترتبت عن ذلك، هذا القول يجب أن لا يفهم منه أن النقابي هو نقيض للحزبي أو بديل عنه أو تعويض له، وإنما توكيد على أن للنقابي إيقاعه الخاص وأدواته الخاصة وحساباته الخاصة، فالنقابي فعل يلتقي مع الفعل الحزبي ولكن دون أن يكونه، لأن علاقتهما بما هو سياسي، أي البناء القانوني والسياسي للدولة هي علاقة موضوعية لأن نضالهما ينصب في آخر المطاف في مسار واحد هو تغيير طبيعة ذلك البناء حتى يستجيب لحاجات المواطنين المادية والمعنوية.

هذه بعض رؤوس أقلام تحدد بعض المرتكزات التي يستند عليها مشروعنا النقابي والذي يندرج في صيرورة البناء الحداثي والديمقراطي للمجتمع المغربي ودولته.

بعجالة نقدم لكم بعض الخلاصات التي تحدد معالم هذا المشروع:

النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تهدف إلى:

1. الوعي بالتطور الكمي والكيفي لأطباء القطاع العام.

2. الوعي بخصوصية المشاكل المهنية لأطباء القطاع العام.

3. الوعي بالدور المركزي لأطباء القطاع العام داخل المنظومة الصحية للدولة.

4. الوعي بواقع التهميش الذي يعرفه أطباء القطاع العام والتنكر لقيمتهم ودورهم فيلا مجال السياسة الصحية للبلاد وداخل النسيج الاجتماعي المغربي.

5. الوعي بخطورة الخلط بين النقابي والحزبي في الممارسة النضالية النقابية وتأثيرها على الفعل النقابي المغربي العام.

هذه بعض الإضاءات التي حاولت تقريب رؤية النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام لنضال النقابي المغربي عامة.

 

الدليل النقابي لطبيب القطاع العام 2008  

إلى الأعلى