بوبكري القيادي في النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام قال إن مشروع قانون ممارسة الطب خرق للدستور
عاب محمدين بوبكري، عضو المكتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، على الحسين الوردي، وزير الصحة،تسرعه في إخراج مشروع قانون إصلاح مهنة الطب وفتح المصحات الخاصة على الاستثمار الخارجي، مؤكدا أن المشروع كان من المفروض أن يطرح للنقاش بعد انتخاب أجهزة الهيأة الوطنية للأطباء وإصدار مراسيم قانون 34 – 09 ، بموازاة تحفيز أطباء القطاعالخاص بتسهيلات عقارية وبنكية وضريبية ، والتنصيص قانونيا على شراكة القطاع العام والخاص، وتقنين ممارسة أطباء القطاعnالعام في القطاع الخاص.
لم يدع وزير الصحة مناسبة دون “الترويج” لمشاريعه الكبرى التي يدافع عنها باستماتة، كيف تقيمون خطابا من هذا النوع؟
إنه خطاب يبيع الوهم والأحلام إلى المغاربة، مقابل تملص الحكومة من مسؤوليتها في معالجة الاختلالات العميقة التي يعرفها قطاع حيوي مثل الصحة، في مقابل إعطاء صورة على أن “الشيطان الأكبر” هم العاملون به، عوض الانكباب على تحسين المحددات
السوسيواقتصادية من سكن وتعليم وبنيات تحتية، باعتبار أن الدول التي التزمت بأهداف الألفية للتنمية انكبت على هذه المحددات أولا، وانطلقت منها.
من أعطاب هذا الخطاب أنه خطاب لا يلامس الواقع، بل يتناقض معه في كثير من الأحيان، ومن أمثلة ذلك “المعايير” المعتمدة في تعيين المسؤولين التي تضرب عرض الحائط فلسفة الدستور الجديد. فمديرية الموارد البشرية صنعت لها مواصفات تعجيزية
لتحضير اسم معين ينتقى في الوقت المحدد ولتمرير مجموعة من المذكرات، تحاول أن تلغي حقوقا مكتسبة كالالتحاق بالزوج. أما إشراك المديرين الجهويين في عملية انتقاء المسؤولين فتعتبر خاطئة، لأن تعيين المديرين لم يكن بناء على الكفاءة، بل على
أساس الانتماء الحزبي (أكادير، مكناس، فاس) فكيف يعقل أنه بمجرد تخرج طبيب من المعهد الوطني للإدارة الصحية يعين على رأس مندوبية كبرى وبعد سنة يعين مديرا جهويا، وبعد سنتين يعين على رأس البعثة الصحية للديار المقدسة، وربما بعد سنة يعين على
مديرية طنجة، فهل وزارة الصحة عاقر من مسؤولين أكفاء إلى هذا الحد؟
هؤلاء المسؤولون راكموا من الأخطاء ومن احتجاج النقابات ما يحتم على وزارة الصحة اتخاذ إجراءات في حقهم عوض القيام بترقيهم.
إنها أزمة ثقة بينكم وبين الوزارة، فيمكن يمكن تفسير قبولكم المشاركة في المناظرة الوطنية بمراكش في وقت رفضت هيآت نقابية ذلك؟
مشاركتنا في المناظرة كانت تكملة لمشاركتنا في السنة الماضية في جلسات انتظارات، حضورنا كان للدفاع عن وجهة نظرنا في العجز الذي تعرفه الموارد البشرية، وعن مآل الدكتوراه الوطنية، وعن طريقة التدريس بكليات الطب، وما تعرفه من هدر منذ سنوات.
كانت هذه منطلقاتنا في قبول المشاركة، قبل أن نفاجأ أن المناظرة وضعت جانبا مضمون الرسالة الملكية التوجيهية، وركزت على الخصاص المهول، وضرورة فتح مناصب شغل لا تكون مرتبطة بالاكراهات المادية. إذن ما الفائدة من مناظرة لا تبرح توصياتها الورق،
مع إغفال الحديث عن قانون ممارسة الطب خلال لحظة وطنية اعتبرت إستراتيجية، قبل طرحه للنقاش شهرا بعد المناظرة، ما يعزز فقدان الثقة بيننا وبين الوزارة.
لكن ما العيب أن تطرح الوزارة مشروعها لإصلاح مهنة ممارسة الطب، مع إقراركم أن المهنة تشكو عددا من الأعطاب؟
اسمح لي أن أشبه ما يجري، اليوم، بالحملات الدعائية والتقييمية التي تسبق عادة تفويت ضيعات “صوديا” و”صوجيتا” وإيهام الرأي العام الوطني أنها لم تعد منتجة وخوصصتها تندرج في إطار المشروع الكبير للمغرب الأخضر. التشبيه مشروع في حملة التشويه والتشهير الممنهجتين للأطباء التي تسبق طرح مشروع قانون ممارسة الطب وفتح رأسمال
المصحات على الاسثتمار الخارجي. ومن حق نقابتنا أن تتساءل إذا ما كانت خوصصة الصحة تندرج في إطار
< المغرب الأبيض (الوزرة البيضاء) أو المغرب الأحمر (الاشتغال في الدم)؟
< إضافة إلى ذلك، تتحدث وزارة الصحة عن أن الاستثمار في القطاع الخاص هو تطبيق لمقتضيات القانون الإطار الخاص بمنح العلاجات والخريطة الصحية (قانون 34 – 09 ) الذي لم تر مراسيمه التطبيقية النور، بل و تركز جل مواده على شراكة القطاع العام والخاص وجرد كل البنيات التحتية للقطاعين ومساهمة الجماعات والمنظمات المهنية إلى جانب الدولة كل هذا غير موجود، كما أن المادة 26 من هدا القانون غير دستورية لأنها تحرم الطبيب من حرية المبادرة، والاستثمار في مجموع التراب الوطني حسب المادتين 24 و 35 من الدستور.
إن الدول الأجنبية عندما أرادت تجاوز هذا الخلل الدستوري، قامت بإجراءات تحفيزية، كما فعلت فرنسا من خلال ما يسمى “الهدف المقدر وطنيا” الذي يعني أن هناك هدفا ينبغي أن تصل إليه المصحات، ومن عجزت عن ذلك تعوض من طرف صندوق التغطية الصحية .كما تنظم ألمانيا الخدمات الصحية، وكل من احترم شروط الخريطة الصحية يحصل على دعم بين 30 في المائة، و 40 في المائة، وكل من رفض يحرم من التمويل فقط.
هذه ملاحظات كان يمكن إدراجها أثناء النقاش؟
هناك أكثر من مجرد ملاحظات، هناك تلاعب في القانون. فالمشروع فتح المجال لدخول الطبيب الأجنبي متجاوزا شرط أن يكون من مواطني دولة أبرمت مع المغرب اتفاقا يسمح للأطباء بالمزاولة المتبادلة، عوضت بوجوب التسجيل في الهيأة الطبية التي فيها سكنى
الطبيب الأجنبي الذي تكون دولته لم تبرم اتفاقا مع المغرب، بل الدولة التي فيها سكناه هي المبرمة، وهنا قمة التلاعب على القانون. إضافة إلى إرجاع الصحة تجارة من خلال المادة 57 ، إذ يجري تحرير الصحة للرأسمال الأجنبي، عوض العمل على تأهيل المستشفى
العمومي، كما أن استقلالية القرار الطبي أصبحت على المحك من خلال عقد الاشتغال. فالماد ة 82 أوضحت أن العقد المبرم يجب أن يكون على شاكلة قرار وزاري مستقبلي والمادة 71 تؤكد أن مالك المصحة يجب أن يكون رئيس اللجنة الطبية للمؤسسة التي تستشار إجباريا من طرف مالك المصحة حول تنظيم العلاجات وإدخال مستخدمين جدد وتجديد مواد الاشتغال. كما أن مشروع القانون لم يوضح دور الطبيب الخبير، علما أن إصلاح منظومة العدالة من بين الأوراش المفتوحة والخبرة الطبية هي أحد مفاتيح العدالة. فكيف يجري التغاضي عن توضيح شروط الخبرة الطبية من خلال دبلوم وطني مقنن مفتوح لأطباء القطاع العام والقطاع الخاص، عوض الطرق المتعامل بها.
هل يمكن أن نفهم أنكم ترفضون مشروع القانون، علما أن الوزارة تضعكم في خانة المعارضين “المعتدلين”؟
كان من المفروض أن يطرح المشروع للنقاش بعد انتخاب أجهزة الهيأة الوطنية للأطباء وإصدار مراسيم 34 – 09 ، بموازاة تحفيز أطباء القطاع الخاص بتسهيلات عقارية وبنكية وضريبية، والتنصيص قانونيا على شراكة القطاع العام والخاص، وتقنين ممارسة
أطباء القطاع العام في القطاع الخاص في هذا القانون.
ما يحز في النفس، أيضا، إطلاق الكلام على عواهنه من طرف وزير الصحة، والتساهل في التصريحات الصحافية التي يشتم منها رائحة تهديد وفرض للأمر الواقع، خصوصا حين يتحدى الجميع بتمرير القانون في البرلمان كأن المؤسسة التشريعية مجرد أداة
للتصويت، وليست أداة للتشريع وللدفاع عن المواطن، كما أن ذلك يتعارض مع الفصل 13 من الدستور الذي ينص على أن “تعمل السلطات العمومية على إحداث هيآت للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها”، وبذلك، يحق لنا أن نتساءل عن هيأة التشاور التي أعدت المشروع؟ ومن رخص ببناء مصحات أجنبية في مراكش ودار بوعزة والدار البيضاء خارج القانون، في وقت يتعرض أطباء للعرقلة بمكناس من أجل بناء مجمع سكني؟
تحدث الوزير في لقاء صحافي سابق عن أزمة يمر منها نظام المساعدة الطبية. ماهي خطورة مثل هذا التصريح؟
إذ كان الوزير يقول بأن مشروع التغطية الصحية “من الخيمة خرج مايل”، فنحن نقول له: لماذا تسرعتم بتعميم المساعدة الطبية وأنت تعرف أنها مايلة؟ وليس بعيدا، أن يصرح غدا بأن قانون تحرير الرأس المال الطبي كان خطأ، وهذه قمة “الحرفية” في التخطيط الإستراتيجي. عودة إلى راميد”، أعتقد أن أهم أعطاب هذا المشروع الاجتماعي والصحي أنه يفتقر إلى التضامن، علما أن الدول الأخرى عندما تقوم بزيادات في التبغ والخمور يذهب جزء من هذه الزيادات إلى القطاع الصحي في إطار هذا التضامن، إلا في المغرب التي لا نعلم ماهي الاعتمادات التي ستدمج في صندوق التغطية الصحية، والطامة الكبرى ميزانية “راميد” غير مدرجة أصلا في الميزانية العامة.