لقد تلقى المكتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، باندهاش كبير، تحميل السيد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، مسؤولية تدهور الخدمات الصحية في عدد من مناطق المغرب للعاملين بالقطاع، وخاصّة الأطباء رغم كل تضحياتهم. إن تدهور الخدمات الصحية حقيقة لا جدال فيها، و قد كانت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام انطلاقا من حسها الوطني سباقة في جل بياناتها و منذ سنوات إلى دق ناقوس الخطر من انهيار شامل للمنظومة الصحية و تداعياته على السلم الاجتماعي، حيث قلنا صراحة أن منظومتنا الصحية مهددة بالسكتة القلبية، إن لم تكن هناك إرادة سياسية و وطنية حقيقية لاحتواء الوضع، ولـــــــكن المسؤولية تـــعــــــود بالأساس إلـــــــى الوزارة الوصية و من خلالها الحكومة المغربية التي اختارت طريق الحلول الترقيعية و سياسة “التجميل الإعلامي”.
إن مٌرتكزات النظام الصحي المغربي تٌعتبر جد مهزوزة، لأن أسباب بنائها منذ البداية كانت تفتقر للأهداف الاجتماعية وشروط المساواة الدستورية وأن تسرع سياسات وزراء الصحة، كانت تبحث عن الترقيع عوض التخطيط الاستراتيجي، ونٌــذكّر هنا بانعدام المٌحفزات لمٌقدمي العلاجات، وضٌعف الإمكانيات المادية بالمٌستشفيات، وخندقة ثلث المجتمع المغربي في خانة بطاقة التسول الصحي ” راميد “، دون إيجاد تمويلات لهاته البطاقة، مما جعل أغلب المستشفيات تدخل في حالة إفلاس، نظرا لتراكم مستحقات الراميد.
إفلاس المستشفيات هذا جعل المنظومة الصحية المغربية، تعلن عن وفاتها، والدليل على هذا الانهيار، هو ما أكدته الأمم المتحدة من خلال أهداف الألفية، مما يدفعنا إلى المطالبة بإيجاد آليات جديدة لتقديم الخدمات الصحية حتى تكون مجال استقطاب للمواطنين، عوض أن يٌصبح انعدام هاته الخدمات يٌشكل بٌؤرة تأجيج الاحتجاج.
مطالبتنا بمنظومة صحية مواطنة يكون فيها المواطن متساويا في الخدمات سواء بالقطاع العام او الخاص ويكون فيها الطبيب يشتغــل بكرامة.
نقول كفى من تعليق إخفاقات المنظومة الصحية، على شماعة الطبيب، الذي يقوم بخدمات جليلة لصالح المواطن، في ظروف تفتقر للشروط العلمية، والمعايير الطبية، في غياب تام لأي اعتراف ولو معنوي، مقابل أجرة ضعيفة لا تتلاءم وسنوات الدراسة، ولا ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه…. فمن إذن للمٌواطن البسيط، بعد الله ﷻ، بالمناطق النّائية والمعزولة، سوى طبيب القطاع العام، بحملاته الإنسانية الجٍد مٌواطنة؛ لسد فراغات وإخفاقات منظومة عرجاء.
نقول كفى من الخطابات الشعبوية، المجانية، المجانبة للصواب، والتي تروم التشهير بل و التحريض على الكراهية.
واهم من يعتقد انه بخطاب شعبوي يحمل وزر اعطاب القطاع الصحي للطبيب سيحل المشاكل بل هو لا يقوم إلا بتعقيد الوضعية الحالية فكيف لطبيب القطاع العام “بجني ثروات هائلة بعد العمليات الجراحية” هذا وهْم أم التباس⁈ ونحن نعلم أنه يتقاضى ثلاث دراهم ونصف كتعويض عن كل ساعة إضافية لكل حراسة إلزامية بعد منتصف الليل‼
وقول احتلال المشاكل الصحية للمرتبة الأولى في مسببات الاحتجاجات، مردّﮦ للمسؤولية التقصيرية لوزارة الصحة، بعد أن استنفد الطبيب صبرﮦ، وقلّت حيلته، في “ترقيع منظومة صحية مٌختلّة”، مع تزايد طلبات العلاجات، مقابل ضعف الميزانية المخصصة سنويا للصحة و تناقص حاد في أعداد الشغيلة الصحية باعتراف الحكومة… مما يبرهن على موقع الطبيب المحوري في تماسك المنظومة ببدله مجهودا مضاعفا لتغطية النواقص، ودورﮦ الريادي في السلـــــــــم الاجتماعي تماماً على عكس ما ورد على لسان المسؤول الحكومي.
فكيف مثلاً، لرضيع خنيفرة، أن يلقى حتفه ببني ملال، وقد وٌجّه للبيضاء، لو وٌفّرت له حاضنة الضوء الأبيض بمسقط رأسه دون الحاجة للمازوط، و عناء العائلة بالتنقل.. فما مسؤولية طبيب القطاع العام في هذه النّازلة رغم تواجٌدﮦ⁈ و هل الطبيب مسئول عن غياب وزير للصحة لشهور و مناقشة قانون المالية في شقه الصحي في غياب وزير ؟
فالـــــــكفــــــــاءات هـــــاهـــــي‼……… والمٌـــستــــلزمـــــات فينــــــا هـــــــي⁇
إن المواطنة حقوق و واجبات و يضمن الدستور المغربي المساواة لكل المواطنين كما يمنع التمييز وهنا نستنكر ‹ منًّ’› الدولة على الأطباء، دراستهم العليا بالمجان، من دون غيرهم من الكوادر والأطر الوطنية، ومطالبتهم باسترجاع مبالغ خيالية‼رغم أن التعليم حق دستوري مكفول لكل أبناء الوطن.
إن ممّا لا يغفرٌﮦ طبيب القطاع العام، لأيٍ كان موقعٌه، أن يٌنعته بأللاوطنية بكل برودة ، وهو الذي تغلي في عروقه روح المسؤولية الفيّاضة، والتضحيات الجسام في سبيل الوطن، ولا يسمـــح أبــــــداً للتشكيك أو المزايدات عليه في هذا المجال. وبالأخير فإن طبيب القطاع العام، لن يتراجع عن الدفاع عن ملفه المطلبي، من حيث موقعه بالنقابة المٌستقلة، ولن يتخلّى ولو قيد أٌنملة، عن المطالبة بتحسين ظروف استقبال المٌواطن، مع توفير الشّروط العلمية و الطبية للعلاجات؛ وقد كان هذا في صميم اتفاقات سابقة لنقابتنا المٌستقلة، مع وزارة الصحة، والتي مع الأسف الشديد، لم تٌفعّل ما خطه الحبر على طرّة الورق..‼
و في هذا الإطار ندعو الهيئة الوطنية للأطباء إلى تحمل مسؤولياتها دفاعا عن مهنة الطب و من خلالها صحة المواطن المغربي و إذ نمد يدنا للجميع لتحقيق وحدة الجسم الطبي سواء في القطاع العام أو الخاص ندعو الأطباء و الصيادلة و جراحي الأسنان بالقطاع العام إلى الالتفاف حول نقابتهم و كذا إلى المشاركة المكثفة في الوقفة مع مسيرة وطنية يوم 10 فبراير دفاعا عن كرامتهم و عن حق المواطن المغربي في مؤسسات صحية تحترم المعايير الطبية للعلاج.
وعـــاشت النقابــة المستقــلة لأطباء القطاع العام صامدة، مناضلة، مستقــلة وجامــعة
عـــــن المكــــــتــــب الوطــــــنـــي