تعتبر سنة 2018 سنة أزمة الصحة بامتياز ففي الوقت الذي يعيش القطاع العام على وقع الاحتجاجات و تماطل حكومي غريب في علاج مسببات السكتة القلبية الوشيكة نجد أن قطاع الصحة في شقه الخاص يواجه تحديات و إشكالات قد تعصف به إن لم يبادر كل المتدخلين إلى تحكيم صوت العقل و استحضار المصلحة الوطنية أولا و أخيرا .
إن إحدى تجليات أزمة قطاع الصحة الخاص هو الجدل الحالي حول النظام الضريبي المعتمد حاليا و الذي ينطلق من مقاربة تقنوقراطية لم تراعي الطبيعة الاجتماعية لقطاع الصحة الخاص و لا المعيقات البنوية لمنظومتنا الصحية التي يستحيل معها الوصول الى إستقرار النموذج الاقتصادي الحالي للقطاع و يكفي هنا التذكير بضعف نسبة التغطية الصحية و ضعف القدرة الشرائية بالمغرب.
إن السياسة الضريبية في أي قطاع كان لا يجب أن تكون مرحلية بل عليها أن ترتكز على التشخيص الدقيق و تضع كأولوية ضمان استمرارية نموذجه الاقتصادي و استقراره و نموه على المديين المتوسط و الطويل و من ثم وضع خارطة طريق متكاملة تستحضر البعدين الاقتصادي و الإجتماعي.
و في هذا الإطار تعتبر الإعفاءات والتسهيلات الضريبية أداة اقتصادية ومالية فعالة توجه بالأساس إما لتشجيع أو إنعاش قطاع صناعي أو تجاري أو خدماتي معين، أو تحفيز فئة أو فئات اقتصادية معينة ، والإعفاءات الضريبية تنقسم في واقع الأمر إلى عدة أصناف تختلف حسب المصدر أو المآل أو الشكل: فهي إما استثناءات، إعفاءات كلية أو جزئية.
إن الضريبة تقتضي خضوع الجميع للتكاليف الجبائية وبنفس القدر التناسبي، فإن العدالة لا تعني بالضرورة المساواة وخاصة في هذا المجال، بل إن المساواة تكون أحيانا غير عادلة، فلا يعقل مثلا أن يتم تضريب قطاع اقتصادي فتي بنفس القدر والسعر المطبق على قطاع مستقر استفاد سابقا من إعفاءات وتشجيعات.
غير أن التعامل مع هذا المعطى يجب أن يتم بنوع من التوازن ووفق نوع من الاستقرار النسبي. وهنا دائما لابد من وضع تصور واضح لأي إعفاء يتضمن معطيات واضحة ومدققة للقطاع أو المجال المستفيد ووضع جدول زمني مناسب ومنطقي لتطبيقه التنازلي حتى يصل إلى مرحلة النضج ويصبح بالتالي مربحا وذا مردودية وبالتالي قادر على تحمل التكاليف الجبائية. فالعدالة تقتضي أن تتمتع هذه التمويلات من نفس الامتيازات التي كانت قد استفادت منها مثيلاتها سابقا. وبمقابل ذلك نجد قطاعات عدة مربحة لازالت وبعد سنوات تستفيد من عدد لا حصر له من التخفيضات والإعفاءات كالفلاحة مثلا .
إن السياسة الضريبية عليها أن تراعي الأهداف الوطنية المتوخاة في ميدان الصحة كما أن الصحة تعتبر مهمة إنسانية قبل أن تعتبر مهنة مدرة للربح و نظرا للخصاص في علاج المواطن المغربي خصوصا صاحب الدخل المحدود أو المعدم تصبح إمكانية البحث عن حلول بمزاوجة الضروري و الممكن و هو أن يقوم طبيب القطاع الخاص خصوصا مع موجة طب العائلة بالتكفل بعدد من المرضى المسجلين في خانة المساعدة الطبية مقابل الإعفاء الضريبي، و كان بالأحرى أن يفكر فيها بعض من أعطيت لهم المهمة التشريعية التي لا يعرفون ممارستها، و كان من المحبذ أن تقوم مديرية الضرائب خصوصا في هذه المرحلة بالضبط و الأطباء مقبلين على انتخاب أجهزة الهيأة الوطنية للأطباء ، أن يكون الحوار مع مؤسسة وطنية .
وعاشت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، نقابة عتيدة، مٌستقلة، جامعة وموحدة ومٌناضلة.
عن المكتب الوطني