يؤسفنا إخباركم و إخبار الرأي العام الوطني إن أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان القطاع العام أصبحوا يتلقون بتقزز واشمئزاز كل المبررات والحجج الواهية التي تتوارى وراءها الحكومات المتعاقبة، للتهرب والتنصل من الالتزام بوعودها، ويطالبون الحكومة الحالية بالتعامل مع ملفهم المطلبي العادل بكل جدية ونزاهة، على غرار ما قامت به إزاء ملفات فئات أخرى، كما يستنكرون سياسة الكيل بمكيالين التي تنهجها الحكومة في التعاطي مع ملف الأطباء، ويتساءلون: لماذا تُسَوّى ملفات فئات أخرى بكل سلاسة ويسر؟ وكل ما تعلق الأمر بملف الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان أو ملف الشغيلة الصحية بشكل عام، تُظهِر الحكومة تخاذلا غير مفهوم؟ وتجاهلا يصل إلى درجة الاستفزاز؟ عن قصد أو عن غير قصد!!
فإن كان ذلك عن قصد، فعليها أن تعي جيدا أنها تلعب بالنار، لأن صبر الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان قد نفد؛ أما وإن كان ذلك عن غير قصد، فعليها أن تستغل فرصتها الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
كما نقول للجميع و بكل وضوح و صراحة صادمة, نحن نستنكر التصريحات الأخيرة للسيد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية و هنا لابد من الإشارة إلى أننا نعرف اليوم من وقف بالأمس ضد تفعيل الملف المطلبي للطبيب و خصوصا تخويل الرقم الاستدلالي 509 و دلك بالتسويق لحجج واهية و متخفيا وراء مبررات واهية و منطق تقني محاسباتي و مقاربة مالية صرفة غاب عنها البعد السياسي و الاجتماعي..
وفي إطار الحديث عن تحسين أوضاع الطبيب المغربي، ترى النقابة المستقلة ضرورة الإسراع بتنزيل ميثاق شرف موحد يلتئم حوله كل الفاعلين في الميدان الصحي، من قطاع عام و خاص. خصوصا أن ما يتم تحضيره الآن من مشاريع تنظيمية خطيرة غابت عنه المقاربة التشاركية من طرف الحكومة؛ كما نعبر كمكتب وطني للنقابة المستقلة و نذكر وزارة الصحة و وزارة المالية بمكونيها و من خلالهما الحكومة المغربية مرة أخرى عن موقفنا الدائم و الخطوط الحمراء التي نحذر من تجاوزها فيما يلي:
- استنكارنا لغياب تحفيز الطبيب المغربي بالقطاع العام رغم أن أزمة كورونا أظهرت بالملموس دور الطبيب داخل القطاع العمومي في حماية الأمن الصحي للوطن و كان الأجدى إيجاد حلول حقيقية و استخلاص العبر من ظواهر كالاستقالات الجماعية والفردية التي يشهدها القطاع و عزوف الأطباء حديثي التخرج عن الالتحاق بقطاع الصحة (كارثة مباراة توظيف الأطباء العامين الأخيرة) و مؤخرا ظاهرة ترك الوظيفة وهجرة الأطباء المغاربة بأعداد كبيرة إلى دول أخرى، و كلها تعد خير دليل عن الوضع القاتم والإفلاس التام، الذي وصلت له منظومتنا الصحية..
- أما في ما يخص مشروع إحداث وظيفة صحية عمومية و مشروع الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية فالمكتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، وإذ يُثمن هذا التوجه بالاعتراف بخصوصية قطاع الصحة والمهن الصحية الذي طالبنا به منذ سنوات، فإنه يستنكر التستر و التكتم الغير مبرر على تفاصيل المشروعين, فهل بإخفاء التفاصيل عن الفاعلين الأساسيين و المكلفين بإنجاحه على أرض الواقع ألا وهم مهنيو الصحة، سنعطي فرص النجاح للمشروع، أم أننا نسير به إلى الهاوية؟
- ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية خلال كل مراحل إعداد و صياغة و تنزيل الوظيفة الصحية العمومية تنفيذاً لتنصيص الدستور المغربي على تفعيل المقاربة التشاركية في الإعداد و التفعيل و التنفيذ و التقييم للسياسات العمومية من جهة، ولتوفير الشروط الموضوعية لإنجاح هذا المشروع من جهة أخرى، وجعله أحد المداخل الرئيسية لورش الإصلاح الشمولي للمنظومة الصحية، خصوصاً أن الموارد البشرية لقطاع الصحة تشكل قطب الرحى لأي نظام صحي ناجح وفعال؛
- نحذر من أي توجه لصياغة أو تنزيل فوقي أحادي للمشروع و نؤكد على استعدادنا للنضال
- نؤكد على ضرورة تضمين النظام الأساسي للوظيفة الصحية العمومية لكل الحقوق الأساسية والمكتسبات التي يتضمنها النظام الأساسي للوظيفة العمومية الحالي و الضامنة للاستقرار المهني و العائلي لمهنيي الصحة والحامية من الشطط في استعمال السلطة،
- نطالب بحماية مكتسبات المنظومة الصحية الحالية و عدم الانجرار إلى نظرية إحداث تبعية إلى أحد مكونات مستويات العرض الصحي أو نظرية إدماج الشبكات الصحية فلكل دوره وخصوصيته وإنجازاته ونواقصه، فالإصلاح لا يعني البداية من الصفر كما يروج له حاليا بل يجب إرساء قواعد الحكامة في التدبير و مراجعة التعريفة المرجعية بالقطاعين و حماية مكتسبات الطب الوقائي و تطوير دوره إلى الطب العائلي و إعطاءه نفس الاستقلالية الممنوحة للمؤسسات الصحية الموجهة إلى الطب العلاجي مع تقوية هاته الأخيرة عبر تعزيز العرض الصحي سواء فيما يخص سد خصاص العنصر البشري بأعداد كافية و توفير المعدات الطبية و البيوطبية في كل مؤسسة على حدة، حتى يتوفر المواطن المغربي في كل إقليم على مستشفيات تلبي حاجياته في كل التخصصات و تستجيب للمعايير الطبية للعلاج وتضاهي على الأقل ما هو متوفر في المصحات الخاصة المتوسطة؛ أما سياسة إعادة التوزيع فلن تخلق إلا أقاليم محظوظة و أخرى منكوبة فإعادة توزيع الخصاص لا تعيد توزيع إلا نفس الخصاص و ليست هي الحل.
- ضرورة مراعاة خصوصية المهن الصحية من خلال التنصيص داخل الوظيفة الصحية العمومية على جميع المطالب المشروعة التي وجهتها نقابتنا للوزارة في مراسلتها الجوابية و من ضمنها اعتماد نظام أجور ثابت محفز بتخويل الرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته لكل الدرجات و إضافة درجتين بعد خارج الإطار, و اعتماد منحة شهرية متغيرة للمردودية إضافية للأجر الثابت تشمل كل العاملين بالمؤسسات الصحية و الإدارية التابعة لوزارة الصحة على اختلافها, و تفعيل للشراكة بين القطاع الخاص و العام في الاتجاهين, و ضمان الحق في التكوين المستمر، وإصلاح نظام الحراسة والإلزامية ومع الرفع من تعويضاتها و تغيير طريقة حساب الوحدات، و تطوير تدبير التوقيت باعتماد مقاربة عصرية باعتماد نظام البرنامج الطبي و الصحي, و تخويل الاختصاص في طب الأسرة للأطباء العامين, و حل إشكالية المسؤولية الطبية والتنصيص على الامتياز القضائي وضمان الحق في الاستقالة بمعايير واضحة وتخفيض سن التقاعد إلى 55 سنة و التقاعد النسبي الى 21 سنة مع السماح بالاستمرار اختياريا لمن تجاوز هذا السن.
إننا اليوم داخل النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام ندعو الحكومة المغربية عاجلا إلى الاستجابة لملف الطبيب و الصيدلي و جراح الأسنان المغربي بالقطاع العام كمدخل لتحفيز الجدد على الالتحاق بالقطاع العام، بدل النفور العام الحالي وإنصافا للأجيال الحالية التي اشتغلت في ظروف قاسية خدمة للوطن, كما ندعوها إلى فتح نقاش وطني حول مشاريع القوانين حتى لا نحكم عليها بالفشل الذريع كسابقاتها، ما دامت وزارة الصحة سائرة في نهج سياسة الآذان الصماء ونهج أسلوب عقلية الأمر الواقع، والاشتغال بمقاربة المنظور الأحادي، ضاربة بذلك عرض الحائط، الروح التشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين التي ينادي بها الدستور المغربي ونصت عليها، في أكثر من مناسبة، توجيهات عاهل البلاد من أجل الرقي بقطاع الصحة وبالعاملين فيه. وكل ذلك من أجل ضمان جودة خدمات هذا القطاع والتغلب على التحديات المستقبلية التي تواجهه، وعلى رأسها وضعية الطبيب المغربي وحقوقه المادية والاجتماعية والمعنوية كما هو متعارف عليها دوليا.
وعاشت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام نقابة عتيدة مستقلة جامعة موحدة ومناضلة
فلنعمل جميعا على الرقي بأوضاع الطبيب المغربي
عــــن المكــــــتــــــب الوطـــــنــــــي.