الرباط: 23-12-2014
بيان المكتب الوطني
ردا على ما جاء على لسان وزير الصحة في تحميل مسؤولية تدهور القطاع لغياب الأطباء فإننا كنقابة مواطنة نؤكد أننا كنا و لا نزال ضد أي غياب غير مبرر أو تهاون في العمل لكن يجب وضع الأمور في نصابها, فحالات غياب الأطباء تبقى كما الحال في كل الادارات المغربية حالات فردية و معزولة و لا يمكن ان يتصور عاقل أن يـتم تقديمها كتفسير لتردي الخدمات الصحية و هنا وجب التذكير بتعريف منظمة الصحة العالمية للنظام الصحي بأنه ” مجموع المؤسسات والموارد التي يكون هدفها الأول هو تحسين الصحة، ويحتاج النظام الصحي إلى أفراد، وموارد، ومعلومات، ومستلزمات، ونقل واتصالات. كما يحتاج إلى تقديم خدمات ملبية للاحتياجات وعادلة ماليا بينما يعالج المواطنين بكفاءة، والنظام الصحي الجيد يطور حياة المواطنين بشكل ملموس يوميا “
ان دراسة عناصر النظام الصحي تشتمل، على الموارد المادية لتمويل النظام الصحي، و على مؤسسات تقديم العلاج، و أيضا على الموارد البشرية من أطباء وممرضين وإداريين، وغيرها من الخدمات المرتبطة بالصحة.
كما تعرف منظمة الصحة العالمية كفاءة النظم الصحية بأنها تقوم على التغطية الشاملة للمواطنين بالتأمين، وتوفير العدالة والجودة والكفاءة، وتحقيق أعلى فعالية مقابل الإنفاق، والاستمرارية في التمويل.
وعند تقييم النظام الصحي بالمغرب، فمن الهام النظر إلى المحددات الاجتماعية للصحة، التي تتمثل في الغذاء الجيد، وتوافر المياه النقية، وسبل الصرف الصحي، التعليم، فضلا عن مرافق الانتقال والطرق، ووسائل الاتصال، حيث كلها تلعب دورا حاسما في مسألة الصحة.
بدأنا بهذا التعريف لنؤكد أن الطبيب ليس هو الشماعة التي يعلق عليها فشل السياسات الصحية ، و ان وزير الصحة يتناقض في تصريحاته حول تحديد أسباب فشل النظام الصحي فأحيانا ترجع لإمكانيات التمويل المحدودة و بالتالي يجب فتح الصحة على الاستثمار و حينا الى سياسة الوزيرة السابقة و أخيرا يعود السبب إلى غياب الأطباء ، إن تصريحات وزير الصحة ليس لها أساس من الصحة بل هي تحضير لمرحلة قادمة يتم فيها تحضير الرأي العام لاستقدام الأطباء الأجانب فلو تتبعنا تصريحات وزير الصحة منذ توليه هدا المنصب نجدها جد متناقضة ، فمرة يقول التصريح و مرة يقول نقيضه ، فاعتبار أن النظام الاستعجالاتي بالمغرب سيعرف قفزة نوعية بشراء مروحيات لقسم المستعجلات نقول أين كانت هاته المروحيات في بداية فيضانات الجنوب ، ألا تعد هاته فضيحة مثل فضيحة ملعب كرة القدم بالرباط ، و مسألة سيارات الإسعاف التي تشغل بالبنزين و الكل يعرف التكلفة بالمقارنة مع الكازوال .و تجدر الإشارة هنا إلى أن المغرب يعرف خصاصا مهولا في عدد الأطباء بالقطاع العام و لولا روح المواطنة و التضحيات التي يقوم بها أطباؤنا و باقي فئات الشغيلة الصحية لما تم علاج هذا العدد الهائل من المواطنين و تحسين مجموعة من المؤشرات الصحية و التي تعترف بها الوزارة في بياناتها بل و تفتخر بها امام المنظمات الدولية و هي نتائج يحققها العنصر البشري في القطاع رغم الظروف المزرية للممارسة و غياب الوسائل العلمية و التجهيزات الضرورية الواجب توفرها في المؤسسات الصحية لعلاج المرضى و هو ما أشرنا إليه مرارا بل و تـم التوقيع مع وزارة الصحة على اتفاق يقضي بتوفير الشروط العلمية لكن الوزارة لم تلتزم و لو بالحد الادنى من هاته الشروط المتفق عليها عالميا و الان بدل الاقرار بتقصيرها تحاول تأليب الرأي العام ضدا على الطبيب.
فكيف يعقل مثلا أن يأتي مواطن مغلوب على أمره إلى المستشفى طلبا للعلاج فيفاجئ بغياب أبسط التحليلات الطبية او بتعطل جهاز السكانير ان توفر ؟ هل المسؤول هنا الطبيب أم الوزير ؟
بم نفسر الغياب شبه الكلي للأدوية و للأدوات الطبية ؟ هل المسؤول هنا الطبيب أم الوزير ؟
لم يحتاج المواطن الى التنقل إلى مدينة أخرى للحصول على الدم ان كان الامر يتعلق بعملية جراحية ؟ هل المسؤول هنا الطبيب أم الوزير ؟
لماذا في الحالات المستعجلة فقد ينتظر المواطن مدة طويلة حتى رجوع سيارة الاسعاف لنقله إلى مستشفى أكثر تجهيزا أو قد يتم إجراء عمليات جراحية معقدة لمريض في غياب طبيب للتخدير نظرا للخصاص و تعريض حياته للخطر ؟ هل المسؤول هنا هو الطبيب أم الوزير ؟
هاته مجرد أمثلة بسيطة للحالة المزرية التي نحاول في ظلها أن نقوم بواجبنا الإنساني و التي يعرفها كل طبيب و كل مواطن مغربي ولج المؤسسات العمومية يوما ما طلبا للعلاج لكن يبدو أن السيد الوزير يتجاهلها لأنها تفضح بالملموس واقع القطاع الصحي المغربي.
ان طرق التسيير الديمقراطي الحديث تقول أن المسؤولية مقرونة بالمساءلة كأحد مقومات الحكامة ، و أن أي مسؤول أقر بأن قطاعه يعرف فشلا معينا ، عليه أن يقدم استقالته ، أم أن المنصب أغلى ، و التصريح لا يزيد الا عن أحد الفقاعات الإعلامية التي تعود عليها وزيرنا خصوصا و أنه يحس بأنه بعد تمرير مشروع قانون الاستثمار أصبح من وزراء الدرجة الاولى.
ان فشل النظام الصحي المغربي حسب التعريف الذي قدمناه في البداية تم تحديد بعض أسبابه إبان إخراج مدونة التغطية الصحية ، و تمت اعادة التذكير بمسبباته في تصريحات منظمة الامم المتحدة التي حددت أهداف الألفية و تم إعطاء مجموعة من التحديات لتجاوز اختلالات الأنظمة الصحية
السيد الوزير المحترم ان فشل النظام الصحي المغربي(و ليس الأطباء) يعود بالأساس لسياسات صحية متتابعة تغلب عليها الحزبوي و تغليب منطق تعيين أبناء العشيرة الحزبية لكل حزب وصل الى تسيير هاته الوزارة البئيسة على الكفاءة.
اننا نرفض بشكل قاطع الحملة الاعلامية المغرضة و الخطيرة التي يقوم بها وزير الصحة محاولة منه نهج سياسة الهروب إلى الأمام و تقديم الأطباء ككبش فداء لمنظومة صحية عاجزة عن القيام بدورها في علاج المواطن المغربي و الهدف من هاته الحملة فهو التغطية على فشل السيد الوزير في وضع أي برنامج واقعي للنهوض بالقطاع الصحي العمومي بل الأدهى من ذلك و رغم كل تحذيراتنا فالسيد الوزير ماض في مشروع فتح الاستثمار أمام الرساميل الخاصة مما سيعرض القطاع الصحي العمومي الى الانهيار و هو نفس الرأي الذي عبر عنه المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و كذا هيأة الأطباء و كافة الغيورين على صحة المواطن المغربي.
اننا في النقابة المستقلة نطالب وزارة الصحة و معها الحكومة المغربية أن تتحمل مسؤولياتها و ذلك بالرفع من الميزانية المخصصة للصحة كما هو معمول به في كل الدول و ان توفر التجهيزات الطبية و الشروط العلمية حماية لصحة المواطن . و كذا توفير العدد الكافي من الأطباء و الممرضين و تحسين ظروف العمل ماديا و معنويا كما نحذرها من الاستمرار في سياسة تهييج المواطن ضد العاملين بالقطاع خصوصا في غياب شبه تام للأمن و الأهم من ذلك وضع سياسة صحية حقيقية لتوفير الحق الدستوري في الصحة للمواطن المغربي.
وعاشت النقابة مستقلة مناضلة و موحدة