في عز مكافحة فيروس كوفيد19، من المواقع المتقدمة لكل الساحات الطبية، طيلة النصف الأول من سنة 2020، نبارك للجميع عيد الفطر السعيد، وكلنا أمـــــــــــل في غد أفضــــــــل.
ونثمن الأدوار الطلائعية الجسيمة التي تقوم بها الأطقم الطبية خاصة، إلى جانب كل الفئات المتدخلة، بكل وطنية وتضامن وبـــــــذل وعطاء ونكران ذات، متناسين مؤقتا همومهم الكثيرة المتراكمة، مستحضرين فقط السلامة بالذات، أولوية الأولويات.
ونستحضر ذكرى النضــــــال المستميت 25 ماي 2011 المجيدة، حين عم التشاؤم بتهالك ظروف العمل، كما رسمناها عبر مسيرات: الكرامة، والغضب، والعطاء، والحداد.. دفاعاً عن ملفنا المطلبي الوطني المشروع، وعلى رأسه تحسين ظروف الاستقبال والاشتغال، ورد الاعتبار للدكتوراة في الطب والصيدلة وجراحة الأسنان، وتحقيق العدالة بالمعادلة، علمياً وإدارياً، مادياً ومعنوياً، وتخويل الرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، وإضافة درجتين بعد درجة خارج الإطار…
وإذ نحيــــي عاليــــــاً ارتفاع الحس والوعي الجماهيري لكل أطياف المواطنين بالمجتمع المغربي وهيئاته التنظيمية والشعبية، بعِظـــم المسؤوليـــات الجسيمـــة المٌلقاة خاصةً على عاتق أطرنـــا الطبيـة العموميـة، ووقوفِهم على حقيقة حافة الانهيار التي كانت عليها منظومتنا الصحية العمومية، ومــا فتِــــأت نقابتنــــــا المستقلة تدق ناقوس الخطر بشأنها، حيث عبر الجميع عن صادق الشكر والتحية والإكبار، وعميم الامتنان والاعتبار، مما أرجع الثقة في النفس والإصرار، على المثابرة والاستمرار… ويبقـــى اعتـــــراف الحكومة بمشروعية كامل مطالبنا، وتحقيق تنْفِيذها، مصب اهتمامِنا وانتظار قواعدِنا، بعد صمت رهيب، طويل وغريب، جثم على صدورنا بدون رحمة لسنوات عجاف ضائعات، قوبِلت باستقالات في عدة مئات.
وعلى خطى الأمل، موازاةً بمحاربة الفيروس، جمّدنا طلبات الاستقالة ومظاهر الاحتجاج، فوحّدنا صفوف جيش الدفاع الأبيض، مٌقْسِمين على ألّا نبرح الميدان إلّا منتصرين لمواطنينا، أو هالكين دونه.
ونعاهد قواعدنا أننا لن نتخلى عن ملفنا المطلبي، وسنواصل النضال من أجله، مٌلتمسين مستقبلاً في ذلك كل السبل والأشكال المشروعة، إلى حين تحقيقه واقعاً لكل الأطباء والصيادلة وجرّاحي الأسنان بالقطاع الصحي العمومي، الذي أصبح صمّام الأمان، لسلامة الصحة والأبدان، لعموم الشعب بدون استثناء، فــي ظرف تاريخـــي كلـــــه استثنــــــاء.
لا يفـــوتنا أن نذكٌــــر بكـــل تنويــــه واعتــــزاز، لنشٌدّ على أياديهم بكل التضامن المفروض، المئات من الأطر الطبية، خاصّةً ذوي الاختصاصات القليلة والنادرة، وذات الطابع الاستعجالي، من إنعاش وأصناف الجِراحات، والمٌرابطون لما يربو عن 3أشهر بمختلف أقاليم عملهم، بعيداً عن أقاليم إقامة أهلهم، وهم في إلزامية طاغية، لا تتوفّر فيها شروط الإنسانية، بعيداً عن التمكن من الاستفادة من حق الحراسة بشروط توفير العدد الكافي من الأطر المٌتناوبة، وقد وصلوا الليل بالنهار، في غياب البديل المٌعوِّض حتّى في الاستفادة من الراحة البيولوجية الواجبة، في ظِل تضييق الحق في التنقّل، المٌوازي للحِجر الصّحي المفروض، حيث يٌطيقونه كاملاً على كاهِلهم 100⁒ في الوقت الذي يطبّق بنِسب متباينة على الباقين، وكثير منهم بمناطق بعيدة يئِنّون في صمت، بل ولا يجدون من بعض رؤساءهم الإداريين، إلّا التضييق تِلو الضغوط، وما هم إلّا بشرٌ عاديون، بدون طاقات صبرٍ واحتمال استثنائية أو أسطورية، وقد سجّلنا بهذا الصدد، ونحن نتابع عن كثب أوضاعهم الموسومة بانسداد الأفق، بضع محاولات انتحار متفاوتة، هي قيد التتبع والعلاج، ما يدفعنا إلى كثير من الوقاية، قبل <”وقوع الفأس في الرأس”> وذلك بتحريك عجلة إصلاح اختلالات القطاع الصحّي العمومي برمّته، عاجــــــلاً لا آجــــــــلاً.
إن الطبيب مجبُول على البذل من وقته ومجهوداته ومعلوماته، وفرحه وخوفه لأجل صحة ومصلحة المريض إلى أن يُشفى، وسهره بحراسته ليلا والناس نيام، وبنهايات الأسبوع والعطل ومٌجمل الأعياد، وديمومته 24/24ساعة و7/7 أيام… ولِـنقٌـل إجمالاً: بطريقة متميزة عن باقي المِهن، وفي ظروف عمل صعبة في كثير من الأحيان، مع النقص العددي في الأطر الطبية والشبه الطبية والتجهيزات البيوطبية، وتحت الضغط النفسي المستمر، والذي أكدته جٌلّ خلاصات الدراسات المٌختصّة.
ومع ذلك يطيب لنا أن ندعو أريحية قواعدنا المٌتضامنة، ونحن نستشرف بريق الفرج عمّا قريب، إلى مزيد من العطاء بحركة تضامنية نبيلة، وذلك بالتبرٌّع بدمهم طواعيةً وجهْد المٌستطاع، عن طريق التوجه ابتداء من الغد، إلى أقرب مراكز تحاقن الدم، تضامناً مع الحالات الصعبة المحتاجة لقطرات دم زكية من المٌواطنين، وتوازياً مع تبرعاتهم المقتطعة سلفاً دون استشارة من رواتبهم المٌتواضعة.
وندعـــــو مرّةً أٌخرى الحكومـــــة إلى التفاعـــل إيجابيـــاً مع كل ملفنا المطلبي المشروع، إسوةً بما أظهره المٌواطنون قاطبةً، من تفاعل إيجابي مٌشرِّف مع قضايا الصحة والطب والأطباء، واستحضــــار العــــــدل فـــي كـــل التحفيــــــزات المرتقبـــــــة.
كمــا ندعــوها إلى عدم الانجـــرار، وراء دعوات عجِلة وشادّة لبعض المنابر والجهات، ونٌحذِّرٌها من وِزْر الانسياق، إلى تمرير أي مشاريع أوتعديل لقوانين، تعتبر من صميم الممارسة الطبية، في غفلةِ انهماكِ أصحاب الشّأن بمكافحة الجائحة، ونؤكِّد أننا سنسلك كل الطرق القانونية المتاحة، وسنطرق كل أبواب الجهات المعنية، للحيلولة من مغبّة تقزيم الأداء والمهام الطّبية المنوطة بقٌدٌسية مسؤوليات جِسام.
وتحية نضالية عالية، من النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، في ذكرى هذا اليوم الأغر، الذي اجتمعت فيه بركة النضال، بحٌرْمة عيد الفطر، لكل الأطر الطبية والصيدلانية، وباقي الفئات الصحية، والمثابِرة على النضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال.
وعـــاشــــــت النــقــــابــــة مســــــتقـــلــــة ومــــوحـــــدة وصـــــامـــــدة.
عــــن المكــــــتــــــب الوطـــــنــــــي.