يعتبر عقد العشرية الثانية من هذا القرن من المحطات التاريخية التي أصدرت فيها مجموعة من القوانين تهم المنظومة الصحية بشكل خاص و السياسة الصحية المستقبلية بشكل عام ، من بين أهم القوانين التي مست القطاع الطبي في المغرب ، هي قانون 09-34 المتعلق بالخريطة الصحية و منح العلاجات و قانون 13-131 المتعلق بمزاولة مهنة الطب و فتح القطاع الخاص الصحي للاستثمار .
هذين القانونين لهما ارتباط بقوانين سابقة و إجراءات لاحقة . ففي ما يخص ما سبق فهي مدونة التغطية الصحية و مدونة الشغل ، أما الإجراءات اللاحقة فتتعلق بالقانون التنظيمي للجهات والذي وضع الصحة والتعليم في خانة الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجهات حسب مبدأ التفريع، ما يؤكد نية الدولة في التملص من هاذين القطاعيين الحيويين. كل هاته القوانين والإجراءات المواكبة لها ما هي إلا إملاءات صندوق النقد الدولي ، الذي أوصى بفتح المنظومات الاجتماعية من صحة و تعليم للخواص و عدم تأهيل وتطوير ما هو موجود من مستشفيات ، و كتوصيات إضافية لهاته المؤسسة الدولية من قبيل تقليص كتلة الأجور و تقزيم المناصب الوظيفية الشيء الذي تمت ملاحظته في هاته السنة بمشروع قانون الخدمة الصحية الوطنية “الإلزامية” للأطباء التي تعني ضمنيا أنه على المدى البعيد لن يكون هناك قطاع خاص و قطاع عام بل سيتقلص القطاع الطبي العام تدريجيا بعدم تأهيل المستشفى العمومي و عدم التوظيف و خروج أطباء القطاع العام إلى القطاع الخاص.
كانت المقدمة ضرورية لتوضيح أن النقابة المستقلة عندما ناضلت ضد قانون 13-131 فقد قامت بذلك من منطلق الدفاع عن مستقبل تطبيب المواطن المغربي بالأساس و دفاعا عن الأطباء الذين هم بالقطاع العام حاليا و سيكونون في القطاع الخاص مستقبلا و من منطلق الدفاع عن أطباء خريجين و طلبة أطباء ستغلق في وجههم مسالك الوظيفة العمومية.
كما انه في إطار واجب التضامن فإننا مجبرون على النضال ضد أي قانون يمس بالأطباء سواء كانوا في القطاع الخاص أو العام وهذا ما دفعنا لرفض مشروع قانون 12-109 الذي يمس أحد ركائز المنظومة الصحية و يضرب في العمق القطاع الطبي.
و ليس لأي كان أن يجرد النقابة المستقلة من حقها بل واجبها في الوقوف ضد هذا المشروع فكما نطالب حاليا وزارة الصحة بتسريع تفعيل النقاط المتفق عليها كحصيلة الحوار الاجتماعي الخاص بأطباء القطاع العام فان نضالنا ضد المشروع منبثق من الدفاع عن النظام العام و تغيير المادة 44 من قانون 00-65 تعتبر من النظام و تعتبر احد الضمانات للمؤمن المغربي الذي هو المواطن و بالتالي فان دفاعنا عن النظام العام و عن المواطن المغربي تمليه علينا التحولات ذات البعد الاجتماعي و الديموغرافي التي طرأت على المغرب و التي ستتصاعد انعكاساتها كتحملات فردية و جماعية كما أن هدا التضامن يجد سنده في منطوق الفصل 31 من الدستور.
و لدعاة الدفاع عن المستشفى و إعادة تأهيله فان اشتغال أطباء القطاع العام في القطاع الخاص ليس هو السبب في تدهور الخدمات الصحية و هو ما يؤكده التقرير الأخير للمنظمة العالمية للصحة الذي أشار إلى أن اختلالات الصحة في المغرب ترجع إلى نقص الموارد البشرية ، و محدودية الإنفاق على الصحة ،و غياب التنسيق بين القطاعات التي تخدم الصحة ، و توسع القطاع الخاص في الوقت الذي يعرف سوء التنظيم ، ناهيك عن غياب حسن التدبير و الحكامة التي تخص البحث في الصحة العمومية….
أمام كل هذا فإن ما يجمعنا كقطاعات صحية أكثر مما يفرقنا و كل التجارب العالمية مرت بنفس الطريق الذي نتخبط فيه ، و لكن يجب العمل على إيجاد الحلول حول شراكة دائمة بين القطاعين خصوصا و أن العلاج أصبح أحد انشغالات المواطنين المغاربة تحت ضغط انتقال مجتمعي مزدوج في بعده الديموغرافي المرتبط بالمخاطر الوبائية ، لذا أصبح من الضروري إجراء هذا الحوار و الاهتداء بخلاصاته و توصياته .
لذا أصبح من الضروري استباق المخاطر و تطوير نظرة مستقبلية ( خصوصا و أن الخصاص مهول 23000 طبيب مغربي ل 35 مليون مواطن ) ، تمكن ليس فقط من اتخاذ الاحتياطات و إنما من التفاعل الايجابي مع المحيط الصحي و الديموغرافي ، و يكون هذا بإخراج مدونة تعاضد تحترم أسس النظام العام المسطر في المادة 44 من قانون 00-65 ، مع توسيع قاعدة التضامن و إعادة النظر في التعريفة المرجعية الوطنية، حتى نتمكن من تماسك و استقرار نسيجنا المجتمعي و ضمان استمرارية نظام التغطية الصحية.
في نفس الاطار قام المكتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بمراسلة رئاسة مجلس النواب و كل الفرق البرلمانية تجدون نسخة منها في المرفقات
وعاشت النقابة مستقلة مناضلة و موحدة
عن المكتب الوطني